وقد تؤثر طريقة الإنسان في التعلم على حسن أدائه في أي عرض تعليمي خاصة من المرحلة الابتدائية للثانوية ثم الكلية . وتتطلب المدارس عادة كلاّ من التعلم السمعي (الاستماع للمعلم ) والتعلم المرئي (قراءة كتاب مثلاً) . وإذا كان الواحد ضعيفا في إحدى هاتين الطريقتين من مصادر التعليم فسيعتمد بصورة أكبر على قوته (فمثلاً المتعلم عن طريق النظر قد يدرس نص الكتاب أكثر من الاعتماد على محتوى المحاضرة ) .. وباستخدام هذا المنطـق فإن الشخص الضعيف في كلتا الطريقتين البصرية والسمعية قد يواجه صعوبة فـي المدرسـة . إضافة لذلك فإن طريقة التعلم تواجه صعوبة في المدرسة . والأكثر من ذلك فإن طريقة تعلم الشخص قد تصاحبها مهنته الخاصة به . فمثلاً نجد الأفراد النشطيـن في التعلم يميلون إلى المهن التي يشغلون فيها أيديهم مثل تنظيم الرفوف أو الميكانيكا أو الجراحة أو النحت . أما الذين يتعلمون عن طريق المشاهدة فقد يميلون إلى المهن التي يستعملون فيها معالجة المعلومات المرئية مثل معالجة المعلومات أو الفن أو المعمار أو تصنيف القطع المصنعة . إضافة إلى ذلك فإن الذين يتعلمون بالسماع قد يميلون إلى المهن التي تتطلب التعامل مع المعلومات المسموعة مثل البائعين والقضاة والموسيقيين والمشغلين . و يبدو أن الأفراد التوحديين يميلون أكثر للاعتمـاد علـى أسلـوب واحد للتعلم وبملاحظة الشخص قد يستطيع المرء تحديد أسلوب تعلمه فمثلاً إذا كان الطفل التوحدي يستمتع بالنظر إلى الكتب (صور الكتب مثلاً) ومشاهـدة التلفزيون (بصوت أو بدون صوت) ويميل إلى إمعان النظر في الناس والأشياء فإنه قد يكـون متعلماً بالمشاهدة. وإذا كان الطفل التوحدي يتكلم بصورة زائدة ويستمتع بكلام النـاس معـه ويفضـل الاستماع إلى الراديو أو الموسيقي فقد يكون متعلما بالسماع أما إذا كان الطفل التوحدي باستمرار يأخذ الأشياء ويفرزها جانبا ويفتح ويغلق الأدراج ويضغط على الأزرار فقد يتضح من ذلك أنه نشط أو يتعلم بالممارسة اليدوية و بمجرد تحديد طريقة تعلم الشخص فإن الاعتماد بعد ذلك على هذه الوسيلة للتعليم يمكن أن تزيد إمكانية تعلمه بشكل كبير جداً وإذا كان الشخص غير متأكد من أية طريقة من الطرق يتعلم بها الطفل أو يعلم مجموعة بطرق تعليم مختلفة فإن أفضل طرق التعليم يمكن أن تكون بإستعمال الأساليب (الطرق) الثلاثة معا . فمثلاً عند تدريس معنى كلمة (جلي) يمكن للواحـد أن يعرض عبوة وقارورة جلي (تعليم بصري) ، ويصف خصائصه مثل لونه وتركيبـه واستعماله (تعليم سمعي) ، وبعد ذلك يدع الشخص يلمسه ويتذوقه (تعليم حركي) إن إحدى المشكلات الشائعة لدى الأطفال التوحديين هي الركض داخل حجرة الدراسة وعدم الإصغاء للمعلم . فهذا الطفل قد لا يتعلم بالسماع ولهذا فإنه لا يصغي لكلام المعلم . فإذا كان الطفل حركي التعليم ، يمكن للأستاذ أن يضع يديه على كتفي هذا الطفل ويوجهه إلى كرسيه أو ويريه كرسيه أو يسلمه صورة كرسي ويومئ له بالجلوس . وإن تدريـس طريقـة تعليم الطالب قد تترك أثراً على إمكانية أو عدم إمكانية إصغائـه للمعلومـات المقدمـة ومعالجتهـا . وهذا بدوره يمكن أن يؤثر على أداء الطفل فـي المدرسـة إضافـة إلى سلوكـه . لذا فإنه من المهم أن يحــدّد المعلمـون طريقـة التعليـم فـور دخـول الطفـل التوحـدي إلـى المدرسة وأن يكيفوا طرق تدريسهـم حسـب قـدرات الطالـب وهذا سيضمن الفرصة الأكبر للطفل التوحدي للنجاح في المدرسة .
المهارات التي يقوم بها أطفال التوحد ببراعة
بعض أطفال التوحد لهم مهارات استثنائية في المجالات مثل الموسيقى ، و الذاكرة الخارقة ، والرياضيات والمهارات الحركية على سبيل المثال : بعضهم يمكن أن يحسب اليوم من الأسبـوع لأي تاريخ معين وآخرون يمكنهم أن يتذكروا ويغنوا أغنية بشكل مشابه تماما للاغنية الأصلية التي تم الاستماع إليها وبالرغم من هذا فليس جميع الأطفال التوحديين لديهم هذا النوع من المهارات .
مرحلة البلوغ
تعتبر مرحلة البلوغ من أصعب المراحل للتوحديين حيث تشير التقارير الى أن واحدا من كل أربعة من الأفراد المصابين بالتوحد تبدأ لديه نوبات صرع أثناء البلوغ ، والسبب الرئيس لبداية هذه النوبات غير معروف ، ولكن على الأرجح أن نوبات الصرع هذه أو نشاطات نوبات الصرع ربما تعزى الى التغيرات الهرمونية في الجسم . أحيانا تبدو هذه النوبات واضحة وللمثال تصاحبها نوبات عنيفة واضطرابات تشنجية ، ولكن للعديد من التوحديين نوبات صرع يتعذر اكتشافها بالفحص السريري ولن تكتشف بالملاحظةالسهلة . 

بعض العلامات الدون سريرية لنوبات الصرع تشتمل على :-

– استعراض مشاكل سلوكية مثل العدوانية وايذاء الذات ونوبات غضب شديد .
– تحصيل أكاديمي قليل أو عدمه بعدما يكون الطفل حسن الأداء أثناء مرحلة الطفولة وقبل مرحلة البلوغ
– أو فقدان بعض السلوكيات، وزيادة التأمل.
ويوضح الدكتور ستيفن ايديلسون من مركز أبحاث التوحد بسانديغو أنه عرف شخصيا القليل من الأفراد التوحديين الذين كانوا من ذوي الكفاءة الأعلى قبل البلوغ وقدعانوا من نوبات الصرع التي تركت دون تدخل وعلاج وفي نهاية مرحلة البلوغ أصبحوا من ذوي كفاءة أقل.
قام بعض أولياء أمور الأطفال التوحديين بعمل تخطيط للمخ لأبنائهم ليروا اذا كان هناك نوبات صرع أو نشاط نوبات صرع لديهم وعلى أية حال فإن تخطيط المخ لم يستطع أن يكشف النشاط الغير طبيعي أثناء فترة التخطيط ، والواحد لا يستطيع أن يستنتج أن الشخص لديه نوبات صرع وللترجيح بعض الأفراد التوحديين تم تقويمهم من 24 الى 48 ساعة بالتخطيط المخي . إن فيتامين ب6 B6 مع المغنيسيوم وثنائي ميثايل الجلايسين DMG ) ) معروف عنهم خفض وازالة نشاطات نوبات الصرع لدى بعض حالات الأفراد التوحديين ، وحتى في حالات نوبات الصرع فإن العقاقير غير فاعلة . كما يجب أن تلاحظ أن أغلبية الأفراد التوحديين ليس لديهم نوبات صرع أثناء البلوغ . وفي الواقع أبلغ العديد من أولياء الأمور عن معاناة أبنائهم وبناتهم من الانتقال الجذري المفاجئ خلال مرحلة البلوغ ، ولذلك يجب على آباء وأمهات الأطفال التوحديين أن يكونوا على قدر كاف من الوعي عن التغييرات السلبية والايجابية المحتمل حدوثها مع فترة البلوغ ، ومن الخصوصيات المهمة المطلوبة من أولياء الأمور أن يكونوا ملمين بأن 25 % من الأفراد التوحديين ربما يعانون سريريا ( Clinical ) أو دون سريريا (Subclinical) من نوبات الصرع التي اذا تركت دون تدخل وعلاج سوف تؤدي الى آثار ضارة بالصحة .
معظم أطفال التوحد لا يزداد تطورهم النمائي عندما يبلغون سن الرشد وبالرغم من هذا فإن بعض الأفراد التوحديين يتزوجون ويكونون حياة أسرية مستقلة إلا أنه استنادا إلى جمعية الطب النفسي الأمريكية عام 1980 م فإن ثلثي الأفراد المصابين بالتوحد سوف يحتاجون إلى الدعم والمساندة طيلة فترة حياتهم بدرجات متفاوتة . 

استخدام العلاج الدوائي للتوحديين 

من المعروف أنه ليس هناك علاج يشفي من التوحد !! فالتوحد يستمر مدى الحياة ولكن هناك بعض العقاقير التي تستخدم لتقليل بعض الأعراض الغير مرغوب فيها والشفـاء الجزئـي والتحسن عادة ما يحدث في حالة شخص يبدأ بالتحدث أو يبتسم أو يبين عاطفة أو يتعلـم … الـخ ، وبرغـم هذا فعادة ما يستمر التوحد طيلة الحياة ، وكما ذكرت سابقا فان التدخل المبكر وبرامج تعديل السلوك وبرامج التربية الخاصة تساعد على تحسن المصاب بالتوحد بالاضافة إلى الحمية الغذائية الخالية من الكازيين والجلوتين وبعض الملاحق الغذائية .
إن استخـدام أي نـوع مـن العـلاج للنـاس التوحديين مسألة مثيرة للجدل !!! فهنـاك فريق يرى أن إعطاء أي نوع من الدواء للناس العاجزين عن التعبير عن موافقتهـم لا مبـرر له علـى الإطـلاق وأما الفريق الآخر فإنه وجـد ثقـة ملحوظة في أن أي دواء يقدمـه الطبيب يجب أن يكون نافعـاً . وكالمعتاد توجد الحقيقية في مكان ما بين هذين الرأيين ، ولكن من الصعب تقديم إجابات قاطعة عن أدوية معينة على كل حال ، هناك مبادئ معينة يجب وضعها في الاعتبار قبل استعمال الأدوية القوية . ويشمل هذا التقرير دراسة موجزة لمجموعات الأدوية الرئيسة التي يستخدمها الأشخاص التوحديون ، ولكن قبل النظر في فائدة أدوية معينة فإن هناك جوانب معينة لها ذات أهمية لاختيار المادة الكيميائية .
الآثـار الجانبيـة ينبغي أن نتوقع دائما بعض أنواع الآثار الجانبية . ويكاد يصح القول بأنه لا يوجد دواء بدون آثار جانبية . وللأسف فإن هذا صحيح خاصة عندما ندرس الأدوية التي تؤثر على المخ خاصة وأن مفعولها غير محدد عادة . ويجب أن يكون الطبيب الذي يصف الدواء ومن يقومون بالرعاية منتبهين لأي تغيير قد يحدث في السلوك أو الأداء . ونظراً لأن المرضى الذين يتعاطون الدواء غير قادرين على التعبير عن هذه الآثار فإن من مسئوليتنا الحذر الدائم من هذه الأدويةً .

الاختلاف في الاستجابة للعلاج 

قد يكون التوحد نتيجة لأسباب مختلفة وأن تنوع الشذوذ البيولوجي قد يتسبب في الشذوذ النفسي والسلوكي . لذا يستحيل الجزم بالدواء الذي سيكون أو لا يكون فعالا لشخص معين . وحتى الآن لا يوجد دواء اتضح أنه مفيد لكل النـاس الذين يعانون من التوحد .
توجد الكثير من الأدلة الحديثة على وجود أنواع من الشذوذ في العمليات الكيميائية – الحيوية للناس المصابين بالتوحد . ويتوقع فقط أن تكون استجابتهم للأدوية مختلفة من تلك الملاحظة لدى الناس العاديين . ولا تعني حقيقة أن الدواء يؤثر بطريقة معينة لدى الناس العاديين بالضرورة أن نفس الأثر سيحدث لدى الناس الذين يعانون من التوحد . 

تحديـد الجرعـات والتقيـد بالتعليمـات 

هناك مشكلة أخرى هي أن الآثـار تختلف كثيراً تبعاً للجرعات المستخدمة . فالجرعـة الأكبـر قـد لا تكون لها بالضـرورة فاعلية أكبر . فقد تكون نتائج الجرعة الأكبر عكس تلك الملاحظة عند تناول جرعة أقل . وأن دراسة آثار الكحول ستساعد في توضيح الأمر . إن الغالبية العظمي من الأدوية خاصة تلك المستخدمة في المنازل لا تستعمل طبقا لرغبات وتعليمات الأطبـاء . وتتغيـر الآثـار بصـورة كبيـرة جداً إذا لم يتم تناول الأدويـة في مواعيدها الصحيحة أو إذا تـم تجاهـل التعليمات الخاصـة بتناولها مع الطعام أو بدونه . وإن أحـدى الممارسـات الخطـرة جـداً تتمثـل في تناول الحبوب والكبسولات دون ماء (أو أي سائل آخر) لتسهيل انسيابها إلى المعدة حيث تتحلل وتفرغ محتوياتها .
المريئ الموصـل مـن الحلقوم إلى المعدة ليس مثل أنبوب صلب . إذا يجب تناول 100 ملل (نصف كبسولة) من السوائل مع تناول أي دواء لأنه قد يبقى في المريئ ويسبب تلفاً لبطانته.
إن مهمة الطبيب صعبة جداً في تحديد الدواء المناسب لحاجة الفرد المصاب بالتوحد وقد يحتاج إلى تجريب أنواع من الأدوية والجرعات قبل تحديد الرجيم الفاعل والمناسب . وعلى من يقومون بالرعاية أن يقدموا ملاحظاته للطبيب إذا كانت له أية فرصة في المساعدة . وإذا لم يكن للدواء أي مفعول فينبغي عدم استعماله ولكن إذا أمكن تحسين حياة الشخـص المصـاب بالتوحـد أو تسهيلهـا باستخدام الدواء فيجب ألاّ يرفضون تلك المساعدة بسبب هاجس غير مبرر من جانب من يقوم برعاية المريض يعتقد فيه أن كل الأدوية مؤذية .
تستخدم الأدوية الفاعلة للسيطرة على بعض المشكلات المصاحبة للتوحد كالصرع مثلاً ، ولكـن يجب التسليم بأن محاولات تحقيق تحسن سريع في علاج التوحد قد ظهر فشلهـا . وزعـم البعض تحقيـق شيئ من النجـاح في معالجة مجموعات معينة من الأعراض حيـث تـم تطويـر أدوية مضادة لها واستعمالهـا . يوجد عدد ضخم من الأدوية المستعملة – وإن استعمال الكثير منها يكشف عن عدم حصولنا على أكثر من نتائج تجميلية في معظم الحالات .